Pages
page_0006
٦ (البلاغ الأسبوعي في يوم الجمعة ٧ يناير ١٩٢٧)
التجمع بحث اجتماعي
نحن الآن في عصر بلغ المجتمع فيه شأوا عظيما من التطور، باعد بينه وبين أول نشأته وقت أن كانت الفطرة الطابع الذي وسم به كل نظمه وعناصره فبعد أن كانت الأفراد هي التي ينشأ منها المجتمع أصبحنا وقد انعكست الآية فصار المرء يولد في المجتمع وينشأ فيه ويتطور فيه ويموت فيه. بيد أن الفرد يمر بدوائر متعددة من المجتمع كل منها يسمه بدوره بسمة مخصوصة ويترك في نفسه أثراً يتفاوت قوة وضعفا ويتكون مع الزمن في وجدانه حالة نفسية خاصة تتغلغل في كل أعماله هي الضمير الاجتماعي، وشعوره بأنه جزأ من جماعة معينة وفرد من أفراد ومجتمع معين وإن أول النظم التي ه يمر بها المرء وتترك في نفسه طابعا خالدا هو النظام العائلي الخاص، ثم مايزال المرء مع السن وظروف الحياة يتصل تدريجيا ببقية النظم الاجتماعية من نظم التعليم والمدارس، ونظم الدين كالكنيسة أو الجامع والطوائف الدينية، والنظم الاقتصادية وعلى الخصوص المهنة التي تحدد له مركزا خاصا في المجتمع، وغير ذلك حتى يتصل أخيرا بنظام الدولة فيتجلى له النظام الاجتماعي بأكمله ويفهم من اتصاله الوثيق بأفراد المجتمع في جهودهم المتنوعة أنه فرد اجتماعي قبل كل شيء إن هذه الاجتماعية المحضة أو الشعور الاجتماعي وإن المرء فرد اجتماعي، يشعر به الفرد أينما ذهب وأينما حل. وليست المدن وحدها هي التي يشعر فيها الفرد بتلك القوة الهائلة في النفس، بل إنها تتناول البدوي الراحل، والفلاح الملازم غيطه، والمفكر الذي حتم على نفسه مجافاة الجماعة وتجنبها فتكون تلك العاطفة الاجتماعية محلية محضة إذا لم تتعد دائرة الكفر أو العزبة أو المركز مثلا، وتكون قومية إذا تناولت كل جهود الأمة، وتكون عالمية إذا كان الاهتمام بالحوادث العالمية مثلا جزءاً أساسيا من ضميره الاجتماعي، وفي هذه الحالة تكون هذه العاطفة قد اتسعت وتعمقت فيه نفس الفرد حتى تكون هي والعاطفة الإنسانية واحدة وتصير الاجتماعية والإنسانية إسمين لعاطفة واحدة وشعور واحد. إن هذه الخبرة الاجتماعية وهذا الضمير الاجتماعي غير موزع بين الطبقات توزيعا عادلا بحيث يكاد كل فرد من أفراد مجتمع ما يشبه بقية الأفراد في صفاتهم الاجتماعية بل انفردت كل طبقة من الطبقات بنصيب خاص من ذلك الشعور الإجتماعي يتناسب ومركزها الاقتصادي والأدبي أو المادي والمعنوي. غير أن نشوء بعض الأنظمة الحديثة كالصحافة مثلا و القهوات والنوادي ودور الملاهي والجمعيات والنقابات وما إلى ذلك سهل على كل طبقات المجتمع التجانس الاجتماعي، والتماثل في المشاعر الاجتماعية حتى يصح القول لأن نظام الطبقات والتفاوت بينها قد قضت عليه الديمقراطية الحديثة وتطور المجتمع العصري. وقد تنبه إلى ضرورة هذا التجانس في المشاعر الاجتماعية في أفراد المجتمع بعض كتاب القرن الماضي الاجتماعيين كأساس لنظرياتهم عن التقدم الاجتماعي فالمؤرخ الإنكليزي "توماس بكل" أقدم على كتابة تاريخه عن التمدن في إنكلترا بسبب ذلك التشابه والتجانس الاجتماعي الموجود بين أفراد الأمة الإنكليزية وعدم التفاوت الهائل الموجود بين الطبقات كما هو في الأمم الأخرى المعاصرة له إذ ذاك أما الأفراد الناشئون في المجتمع فهم يقبلون النظام الاجتماعي صاغرين، دون أخذ رأيهم في صلاحه أو فساده وأن ما يهمنا هنا هو مقدار تشرب الأفراد بالشعور الاجتماعي والخبرة الاجتماعية. والاجتماعي لا يهتم بالأعمال الفردية الخاصة الخارجة عن جهود المجتمع ودائرة العمل الاجتماعي ولا يعبأ بها إلا بمقدار أثرها في تطور المجتمع وسيره. نعم قد يكون لدرس هذه الأعمال الفردية البحتة فائدة على أنها خارجة عن دائرة علم الاجتماع، وعلم النفس فقط هو الذي يهتم بها دون غيره غير أن كثيراً من جهود الفرد الاجتماعية ليس مقصوراً على نظام اجتماعي واحد. فلا يوجد نظام اجتماعي يستغرق كل جهود الفرد الاجتماعية. فحياة المتدين مثلا ليست قاصرة على الكنيسة أو الجامع أو النظام الديني المخصوص بل أن شطراً من حياته متصل بالدولة مثلا وآخر بالمدرسة، وآخر بالمهنة، وآخر بالنظم التي ترفه عن نفسه وتلهيها، وقد شرح الأستاذ وليم جيمس ذلك شرحاً وفياً في كتبه عن علم النفس وتكلم عن النفس الاجتماعية كلاماً مسهباً سنعرض له في مقال آخر. ومن ذلك يتبين خطأ الاجتماعيين القائلين بأن الدولة هي كل شيء في المجتمع. ذلك لأن الدولة هي أحد أنظمة المجتمع. نعم أتى وقت استغرقت الدولة فيه كل حياة أفراد الهيئة الاجتماعية، كما كان الحال في المدن اليونانية مثلا، على أن عصرنا الحاضر يختلف عن الماضي. فإن جزءاً عظيماً من جهود الفرد لا تصل إليها سلطة الدولة بل تجهلها تماما. غير أن هذه الجهود الفردية تتدرج مع الزمن وتتخذ شيئاً فشيئاً صبغة وصورة اجتماعية، وما تزال تتطور وتمر بأدوار وظروف خاصة حتى تنتهي بها أخيراً إلى أن يتكون منها نظام اجتماعي خاص يضاف إلى بقية الأنظمة. والنشوء الاجتماعي اليوم يرينا نظماً اجتماعية لها سلطة هائلة قد تتضاءل بجانبها سلطة الدولة. فسلطة الأنظمة دينية مثلا أقوى بكثير من سلطة الدولة على الفرد، وسلطة بعض النظم الاقتصادية كالبنوك مثلا ونقابات العمال في أوروبا أو النظم الإصلاحية كالصحافة مثلا تحد من سلطة الدولة كثيراً بل قد تفوقها من حيث النفوذ. ومما سبق يتبين خطل التأكيد بأن الدولة هي المجتمع، ذلك لأن المجتمع كلي شامل لنظم كثيرة بما فيها الدولة نفسها. والحق أن سلطة الدولة على المجتمع في سبيل الزوال، والجماعة هي التي تسيطر على الدولة وتوجهها
page_0007
(البلاغ الأسبوعي في يوم الجمعة ٧ يناير ١٩٢٧) ٧
بجهودها الجمعية أنى أرادت. وما قال القائلون: إن الدولة هي كل شيء في المجتمع، بل إنها هي التي أنشأت المجتمع، إلا لما رأوا تغلغل سلطتها في الجهود الاجتماعية وعلى الخصوص في الأزمان الغابرة حيث كان للدولة قوة غير محدودة في كل شيء. بل كانت كل جهود الجماعة مستغرقة في الدولة. وقد ساعد على تدعيم هذا الفكر نشوء الدولة التاريخي والتقلبات التي مرت بها واعتمادها على القوة المادية في كل ما تم بواسطتها في المجتمع. وقد أظهرت الأبحاث الاجتماعية الحديثة خطأ هذه الفكرة وأبانت أن الدولة مظهر من مظاهر جهود الجماعة والنظام كبقية الأنظمة الاجتماعية. وليس بصحيح إذا قول أرسطو أن الإنسان مدني بالطبع بل الواقع أن الإنسان اجتماعي بالطبع قبل كل شيء. وقد أراد كتاب القرن الثامن عشر السياسيون ومن نحا نحوهم أن يصوروا نشوء الهيئة الاجتماعية تصويراً يتناسب مع آرائهم عن الحرية الإنسانية فأدخلوا عنصراً جديداً في الأبحاث الاجتماعية عن أصل المجتمع وقالوا إن الإرادة الاجتماعية هي أصل في كل صور الحياة الاجتماعية، وأنه ما تم ولا يتم بناء أي مجتمع ولا أي نظام من النظم دون رأي أفراد المجتمع، وإن كل الهيئات الاجتماعية وليدة الإرادة الإنسانية، وقد أخذ ذلك في بدء التاريخ صورة إجماع بين كل الأفراد دعاه روسو "العقد الاجتماعي". بيد أننا نعلم أنه لا يتم شيء في الجماعة حسب ذلك الإجماع الوهمي. إذا أن الإجماع لم يوجد في أي عصر من العصور، بل كان هناك دائماً جماعة غير راضية سواء أكانت تلك الجماعة أقلية أم أكثرية. هذا فضلا عن أن السلطة الحاكمة تستعمل القوة في قسر بقية أفراد المجتمع على قبول الحالة الراهنة. فنصيب الإرادة إذن في نشوء المجتمع قليل. فضلا عن أنه يستحيل التوفيق بين ذلك الرأي ونشوء المجتمع من الوجهة التاريخية. نعم قد يكون للإرادة الآن مظهرها في النظم السياسية وعلى الخصوص في الجماعات الديمقراطية حيث يكون الشعب -إما مباشرة أو بالوساطة- هو الحاكم المسيطر فلا يتم شيء في المجتمع بدون رأيه وإرادته ورضاه، غير إنه لدى البحث قليلا نرى أيضاً ضعف هذه النظرية وعدم انطباقها كل الانطباق على جهود المجتمع فأعمال الجماعات وإن تكن الإرادة مصاحبة لكثير من جهودها إلا إنه يوجد كثير من الأعمال والتطورات تتم برغم أنف الجماعة، ودون شعور منها. فالحقيقة إذا هي أن الإرادة إحدى القوى التي يتم بها التطور الاجتماعي وليست أقواها. إذ يوجد بجانبها قوى نفسية أخرى كالغرائز والمشاعر الخفية تسير المجتمع دون أن يكون للعنصر الفكري فيها نصيب. وقد حدا ظهور الإرادة في كثير من الأعمال الاجتماعية بالكثيرين إلى القول بأن المجتمع الحديث هو مجتمع واع أو مريد "Conscious Society" وهو رأي ناقص كما ترى غير متفق مع الواقع. إن من أشد العوامل في التطور الاجتماعي هو شعور أفراد المجتمع بضرورة التغير، أو ضرورة إحداث تطور جديد في الجهود الاجتماعية. وإذا نحن درسنا النظم الاجتماعية في تطورها التاريخي نجد بعضاً منها قد لازم المجتمع منذ أول نشوئه ونجد أيضاً أنظمة أخرى قد جدت واستحدثت بعد نشوء المجتمع وأصبحت جزءاً أساسياً لا يمكن أن يتصور بدونه. فمن ذا الذي يتصور مجتمعاً عصرياً مثلا دون أن تكون الصحافة والنقابات بأنواعها عناصر أساسية لهذا المجتمع. وأي مجتمع يمكن تصوره بدون دور الصناعة والمال والتجارة؟ غير أن هذه النظم وغيرها مما قد ينشأ بعد نشأت وتنشأ مع الدولة وبدون إرادة الدولة، بل كثيراً ما كانت الدولة ضد تأسيس بعض النظم ونشوئها وتطورها مما يبرهن لنا على أن نشوء النظم الاجتماعية لا يتم ولا يسير حسب إرادة الدولة، بل إنه ينشأ تبع حاجة إجتماعية مخصوصة لتأدية وظيفة إجتماعية مخصوصة. ومن هنا نشأت النظرية الحديثة عن نشوء النظم الاجتماعية، وأنها كلها نشأت حسب الحاجة ولتأدية وظيفة معينة. وهذا بصرف النظر عن نوع هذه الحاجة و سواء أكانت اقتصادية محضة أو حربية أو بيولوجية أو نفسية كما سنبينه بعد. فالباحث الاجتماعي إذا يجب ألا يبدأ بحثه عن تكوين المجتمع بأي نظام اجتماعي، مخصوص متتبعاً إياه في تطوراته التاريخية فقط سواء أكان هذا النظام هو الدولة أو النظام الديني أو المهنة أو المدرسة أو غيره بل عليه أن يبدأ دراسته من التجمع نفسه ومن الصور والأشكال التي يتشكل بها هذا التجمع. أما التجمع هذا فيجب دراسته في الفرد أولا. وارتباط الفرد بالمجتمع أكثر مما يتصوره أي مفكر، والاستقلال الشخصي المزعوم لأفراد الجماعات المتمدينة يكاد يكون معدوما. فلا يوجد فرد لا يتبعه ظل الجماعة في أشد لحظات انفراده، و اختلائه بنفسه. والمجتمع يحد من حرية الأفراد في جميع وجوه نشاطهم. فالعائلة تحد من حرياته. والصناعة والدين والمهنة والتربية وكل عناصر المجتمع ونظمه تحد من حرياته، وتصبغه بصبغة اجتماعية محضة تميت فيه الروح الفردية. فهو مرتبط في أعمق أغوار نفسه بكل نظم المجتمع، وله نصيب وافر في عمل المجتمع. لأنه جزء منه لا يتجزأ. وفي أي جهة يولي وجهه يجد المجتمع و شبحه أمامه ماثلا متناولا كل جهود الأفراد وموحدا إياه في عمل واحد والتجمع. فوحدة العمل إذن هي الصيغة التي يشعر بها الفرد بقوة المجتمع وسلطته. والأفراد يشتركون معاً رغم أنفهم لتأسيس كل النظم الاجتماعية وتدعيمها وتسييرها وتسهيل وظيفتها وعملها. ووحدة العمل هذه ظاهرة في كل نظام اجتماعي. ومن هذه الظاهرة الاجتماعية تتألف جهود المجتمع، ومهمة المسيطرين على شؤون الجماعة في كل عصر هي تكييف الظروف الاجتماعية حتى تعمل النظم الاجتماعية معا، فيشعر كل فرد من أفراد الجماعة إنه يعمل مع غيره لا لغاية سوى توحيد الجهود ووحدة المجتمع وتضامن أفراده لغاية إجتماعية واحدة. حسين تقي أصفهاني
page_0008
٨ (البلاغ الأسبوعي في يوم الجمعة ٧ يناير ١٩٢٧)
المسارح والتمثيل سارة برنار Sarah Bernhardt لمندوبنا الفني
تعد ساره برنار بحق أسطع نجم تألق في سماء المسرح. وان لاسمها من الذيوع والشهرة ما يعادل أنبل الأسماء وأعلاها في ذروة المجد والخلود. ومن الغريب أنها كانت تعتزم حياة الرهبنة فدخلت مدرسة الراهبات في فرساي لهذا الغرض ولولا نصيحة الدوق دي مورفي لأهلها بإدخالها (الكنسرفتوار) ومن ثم باحتراف التمثيل لما كانت ساره الممثلة والفنية الخالدة الذكر. ولدت سارة في باريس سنة ١٨٤٤ ودخلت الكنسرفتوار وسنها خمسة عشر عاماً وأتمت دروسها سنة ١٨٦٢ فأخذها مسيو تييري مدير الكوميدي فرانسيز تحت رعايته ثم تنقلت في عدة مسارح ولكنها عادت بعد ذلك إلى الكوميدي فرانسيز فقضت فيها ثماني سنوات حتى عام ١٨٨٠ ثم عادت مرة اخرى إلى التنقل في مسارح باريس. وفي عام ١٨٩٨ أخذت مسرح (دي ناسيون) فسمته باسمها ومثلت فيه رواياتها واخرجت غيرها ورحلت رحلات تمثيلية متعددة في أمريكا واصطحبت في إحداها كوكلان الكبير ورحلت رحلات أخرى إلى روسيا وإنجلترا ومصر. أما أدوارها التي اشتهرت بها فكثيرة منها فيدر (لراسين) وفيدورا وتوسكا (لساردو) وهملت وغادة الكاميليا وكليوباترا وجان دارك ثم النسر الصغير (لادمون رستان) ولورنزتشو
(صورة – سارة برنار في فيدر لراسين)
(لألفرد دي موسيه). ولم تكن موهبتها مقتصرة على التمثيل فقد الفت للمسرح رواية (ادرين لو كفرير) وكانت حفارة ماهرة صنعت بيدها تمثالا لساردو وعرف عنها أنها دقيقة في التصوير بالألوان ولها عدا ذلك قصص روائية عديدة. وكانت تقوم بكل مهمة إخراج الروايات فتعلم الممثلين وتلاحظ المناظر والملابس والأنوار وكل ما يتعلق بذلك وتقضي في هذا أكثر ساعات يومها فإذا حل المساء كان عليها أن تظهر على المسرح للجماهير العديدة التي تترقب طلعتها وتهتف وتصفق لها بقوة وحرارة. وقد تعود إلى منزلها في الساعة الثالثة صباحا بعد أن تكون اعدت كل شيء لعمل الغد فتجد مؤلفا ينتظرها ليقرأ لها رواية جديدة فلا تنام الا والشمس قد ملأت الأرجاء. ولقد دعاها الامبراطور نابليون الثالث لتمثل في قصر التويلري رواية (المار) في الحفلة التي أقامها اكراما لملكة هولندا. وان من يقرأ الكلمة التي كتبتها سارة عن هذه الحفلة ليستغرق في الضحك من السذاجة والروح الفكهة الحلوة التي كانت لهذه الفنانة النابغة إذ قالت: "تركوني في بهو صغير ريثما يخبرون جلالة الإمبراطور بوصولي وكانت في صحبتي مدام جيرار فأخذت أتمرن امامها على الانحناء واسألها بصوت مرتفع عن رأيها. وبينما أنا أسألها سمعت ضحكة قصيرة فنظرت خلفي وإذا بالإمبراطور يصفق لي ويبتسم وفي الحال عراني الخجل ولكن الإمبراطور لاطفني اصطحبني إلى حيث وجلست الإمبراطورة اوجيني" وقد اختارنا خمس صور لسارة من مجموعة صورها العديدة فالأولى تمثلها في رواية فيدر لراسين والثانية والثالثة في هملت والنسر الصغير وقد فضلنا هذين الدورين لأنها كانت تحبهما كثيراً وكتبت عنهما كلمة طويلة بعنوان "لماذا مثلت بعض أدوار الرجال" تقول: "ان سبب ألم هملت والنسر الصغير أم غير جديرة بالأمومة والمواقف امامها في الحالتين واحد. وهو في شاكسبير مفزع في حقيقته وتوحشه، أما في رواية روستان فآداب العصر ولياقاته جعلت الموقف هادئاً سلساً وأن كان الألم لم يتغير. ولقد أحببت بولع هاتين الشخصيتين. ان أفكارهما مملؤة بالشكوك والوساوس وقلبهما ينبضان بقوة وبلا راحة عدا عذابات الذكرى
page_0009
(صورة أسفل اليسار) جمال وتفكير ..!!(البلاغ الأسبوعي في يوم الجمعة ٧ يناير ١٩٢٧) ٩
(صورة أعلى اليمين) ساره برنار في دور هملت (صورة أسفل اليمين) ساره برنار في دور النسر الصغير
التي تتراءى لهما. فهما شبحان تمتزج فيهما الحياة بالموت واليأس بالرجاء ولذلك تكون شخصيتهما أقرب إلى الحقيقة إذا مثلتهما امرأة. وهذا ما حببهما لي" أما الصورتان الأخيرتان فتمثلان ساره في أجمل مواقفها وأبدعها. وأنها لتعتقد أن فن المسرح فن النساء لأنه -كما تقول هي – يحتوي على كل ما في المرأة من غريزة. أولا لغرامها في أن يعجب الناس بها. وثانياً لسهولة ابراز عواطفها واخفاء عيوبها. وثالثاً لما في المسرح من المحاكاة والتقليد وهما الخلق الأساسي في المرأة التي لها في هذا الفن فرصة نادرة للتفوق على الرجل وخاصة لأن مظهرها الخارجي وشكلها يغريان الجمهور ويرضيانه أكثر من مظهر الرجل وشكله" وهذا ما تقوله سارة برنار عن الفن المسرحي وانه لرأي يحتاج إلى الكثير من الفحص والتمعن.
(صورة أعلى اليسار) دمعة اليأس والألم (صورة أسفل اليسار) جمال وتفكير ..!!
page_0010
١٠ (البلاغ الأسبوعي يوم الجمعة ٧ يناير سنة ١٩٢٧) جائزة نوبل نشرنا في عدد سابق مقالة عن جائزة نوبل وتاريخ نشأتها وقد جاءتنا هذه الكلمة من الأديب صاحب الإمضاء ننشرها للبيانات التي حوتها ومعها صورة ألفرد نوبل. نوبل (Nobel) اسم لرجل سويدي عظيم ذاع صيته في جميع أنحاء المعمورة بالنسبة للعمل الجليل والهبة الكبيرة التي وقفها على العلم والعلماء. توفى ألفرد نوبل في نوفمبر سنة ١٨٩٥ تاركا وراءه ثروة طائلة مقدارها ٣٠ مليون ونصف كرون سويدي (١٧٠٨٠٠٠ جنيه انجليزي تقريبا) وكتب قبل مماته وصيته المشهورة التي أوصى فيها أن يوزع ريع هذا المبلغ في آخر كل سنة على العلماء والأساتذة الذين يقدمون للعلم أوالأدب خدمات جليلة يذكرها لهم التاريخ بالفخر والإعجاب. ولقد أراد نوبل بذلك -وهو مخترع "الديناميت"- أن يصرف الإنسان لخدمة أخيه الإنسان وأن يجمع ويوحد القوى المساعدة على رقي ونموالعلوم والآداب. وتغلغلت بين جوانحه عاطفة الحب للإنسان أياً كان وطنه وكان يعتقد إنه لا بد من تعاون الشعوب تعاون الأخوة المتحابة. وقد اسند نوبل إدارة هذه الهبة إلى أبناء وطنه السويد والباعث الذي ذكره وأداه إلى ذلك إنه عرف عدداً كبيراً من الناس في حياته الطويلة المملوءة حركة فوجد أن نسبة الرجال الأمناء بين قومه أكبر منها بين الأمم الأخرى وفي ٢٩ يونيه سنة ١٩٠٠ صادق ملك السويد أوسكار الثاني على إنشاء "معهد نوبل" الذي تولى بعد ذلك توزيع الهبة وقد نال أول هبة الأستاذ الألماني الشهير اميل فون بيرنج (Emil von Behring)كاشف أسرار السيروم (Serum) أو مصل الدم. وقد وزع ابتداء من سنة ١٩٠٠ للآن ١٢٧هبة على ممثلي ١٧ دولة قيمتها جميعاً ١٥ مليون كرون نالها ٣١ أستاذاً لعلم الطبيعة و١٣ لعلم الكيميا و٢٣ لعلم الفسيولوجيا والطب و٢٥ أستاذاً في الأدب وحاز هبة السلم ٢٢ شخصا وثلاثة أشخاص من من ساعدوا على نشر السلم بين الدول المختلفة. وقد احتفل معهد نوبل في ١٠ ديسمبر من هذا العام بتوزيع جائزة نوبل والذين حصلوا على هبة السلم هم تشمبرلين وبريان وشتريزامان. ولم يكن الاحتفال مقصوراً على توزيع الهبة بل تعداه إلى شيء آخر وهو الاحتفال بمناسبة مرور ربع قرن على هبة نوبل
صورة ألفرد نوبل مخترع الديناميت والموصي بالجوائز المعروفة باسمه
ويليه جدول لعدد الأشخاص الذين نالوا هبة نوبل من الأمم المختلفة ٢٨ شخصاً من ألمانيا ١٩ " من فرنسا ١٥ شخصاً من إنجلترا ٩ " من السويد ٧ " من أمريكا ٧ " من هولنده ٦ " من الدانمارك ٦ " من سويسره ٤ " من إيطاليا ٤ " من النمسا ٤ " من بلجيكا ٤ " من النرويج ٣ " من إسبانيا " " من الروسيا ٢ " من كندا ٢ " من بولونيا وحاز هندي جائزة نوبل هو الشاعر الهندي المشهور الذي زار مصر حديثاً وأقيمت له الحفلات الجليلة وقد نقل معهد نوبل إلى قصره الفخم الذي تم بنائه حديثا وسيظهر قريبا كتاب وصف حياة نوبل المكتشف العظيم والرجل النادر بقلم الأستاذ السويدي شوك ز. البحيري بجامعة ميونخ وقفنا على كشف بأسماء أنواع النقود الجديدة التي سبكت في أوروبا بعد الحرب وبعد التجديد المالي وهي الشلن النمساوي والبنجو المجري والزلوتى البولندي والريخسمارك الألماني و البلجا البلجيكي وهذه آخر القائمة حتى الآن عملت عملية جراحية لامرأة فرنسوية منذ عشرين سنة وبعد مرور هذا الزمن الطويل شكت ألما مكان العملية فعملت لها عملية ثانيه فإذا سبب الألم مقص للجراحة نسيه الجراح وخاط الجرح عليه والغريب إنها لم تشك ألما في أثناء العشرين سنة